في حين أن هناك العديد من التعريفات للمدينة الذكية، الا انها تتفق جميعاً في وجوب احتواء المدن الذكية على ما يسمى ب “انترنت الأشياء” “Internet of Things” بمعنى أن جميع مكونات البنية التحتية وأنظمة المدينة المختلفة تكون متصلة بشبكة الانترنت طوال الوقت، وتستطيع جمع البيانات وتحليلها، ثم تُستخدم هذه البيانات لتحسين البنية التحتية والمرافق العامة والخدمات، والمزيد.
لم تعد المدن الذكية اتجاه وتفكير مستقبلي. يوجد بالفعل مدن ذكية الآن وتنمو بسرعة مع توسع استخدام انترنت الأشياء (IoT) التي تؤثر بشكل ايجابي على الخدمات المقدمة للمواطنين. مثل تحسين توزيع الطاقة، وتسهيل عملية جمع القمامة، وتقليل الازدحام المروري، وحتى تحسين جودة الهواء. تتضمن أمثلة تطبيق انترنت الأشياء في المدن الذكية ما يلي:
اضاءة الشوارع:
تعمل أعمدة الاضاءة الذكية كنقاط اتصال Wi-Fi، وتكون مجهزة بكاميرات مراقبة. ومنافذ شحن للسيارات الكهربائية والهواتف، وكذلك تكون مجهزة لقياس جودة الهواء. تتواجد هذه الأعمدة بالفعل في مدن مثل لندن في انجلترا وكوابك في كندا.
إدارة النفايات:
تقدم المدن الذكية حلولاً تكنولوجية لتحقيق بيئة أنظف وتقليل النفايات. على سبيل المثال، تعمل منطقة سونجدو في كوريا الجنوبية على الحد من التلوث الضوضائي فقامت بمنع عربات النفايات تماماً. بدلا من ذلك قامت بعمل محطات ذكية لجمع القمامة في كل مبنى حيث يتخلص السكان من أكياس القمامة مقسمة الى مواد عضوية ومواد قابلة للاحتراق. تحتوي هذه المحطات على أجهزة استشعار لتكتشف متى تمتلئ. ثم يتم إرسال القمامة تلقائيًا من خلال أنابيب ضغط عالي مباشرة إلى مركز إعادة التدوير.
إدارة حركة المرور:
تتلقى إشارات المرور بيانات من أجهزة الاستشعار المثبتة في وسائل النقل العامة والسيارات الخاصة. مما يتيح تغيير أضواء الاشارة وتوقيتها للاستجابة لحركة المرور بشكل تلقائي، وبالتالي تُقلل ازدحام الطرق. أيضا تُمكن هذه البيانات الركاب من معرفة الوقت المتبقي لوصول الحافلة أو القطار القادم.
تشمل المدن الذكية أيضا – بالإضافة الى انترنت الأشياء – علم الروبوتات “Robotics” الذي يهدف الى دمج الروبوتات في الحياة العامة بهدف تحسين عمليات وخدمات المدينة. يشمل ذلك على سبيل المثال، استخدام الطائرات بدون طيار للخدمات البريدية، واستخدام الروبوتس لتقديم بعض الخدمات في الفنادق كما هو حاصل الآن في مدن مثل دبي وسنغافورة وطوكيو.
الذكاء الاصطناعي:
من أهم سمات المدن الذكية أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي في ادارة المدينة. حيث تُعتبرالمدينة الذكية ثورة رقمية تولد كمية هائلة من البيانات عن طريق أجهزة الاستشعار المنتشرة في المدينة. لن تكون هذه البيانات مفيدة بأي شكل من الأشكال ما لم يتم معالجتها واستخراج معلومات مفيدة منها. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في معالجة هذا الكم الهائل من البيانات واستنباط المعلومات والأنماط التي تساعد ادارة المدينة على اتخاذ الاجراءات السليمة.
على سبيل المثال عند حدوث طفرات في الطاقة، يمكن أن يتعرف الذكاء الاصطناعي على مكان حدوث هذه الطفرات عادةً وفي أي ظروف، وبالتالي يمكن استخدام هذه المعلومات لتحسين إدارة شبكة الطاقة.
مثال آخر على كيفية استفادة المدن الذكية من الذكاء الاصطناعي عند استضافة الأحداث المهمة، بدأت بعض المدن في استخدام كاميرات الفيديو المرتبطة بتقنية تحليلات قائمة على الذكاء الاصطناعي. الهدف هو أن تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بفحص الفيديو والبحث عن التشوهات السلوكية أو الظرفية التي يمكن أن تشير إلى أن عملًا إرهابيًا أو أعمال عنف قد تكون على وشك الحدوث.
الحفاظ على أمن وراحة المواطنين:
أيضا يوجد العديد من تطبيقات التكنولوجيا في المدن الذكية التي تهدف للحفاظ على أمن وراحة المواطنين، وهذع بعض الأمثلة لذلك:
- في مدينة نيويورك توجد أجهزة استشعار تستطيع أن تكتشف اذا ما تم حدوث اطلاق ناري وتحديد مكانه في نطاق 1 متر مربع.
- في مدينة كوبنهاجن تسطيع أجهزة الاستشعار في الطريق معرفة اقتراب راكبي الدراجات من اشارة المرور وتقوم بتبديل الاشارة الى اللون الأخضر.
- في هونج كونج يوجد 47 مبني متصلين ببعضهم لعمل عرض فني من الأضواء والموسيقى كل ليلة.
تُعد الأمثلة السابقة جزء بسيط من تطبيقات التكنولوجيا وانترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي في المدن الذكية. بالطبع سيشهد المستقبل العديد والعديد من الأفكار الأخرى، ولن تصبح بعض افلام الخيال العلمي التي نراها الآن إلا واقعاً نعيشه.