يعتبر تأثير الذكاء الاصطناعي على عدد الوظائف في مختلف القطاعات موضوعًا معقدًا ومتطورًا باستمرار. وعلى الرغم من صعوبة تحديد أرقام محددة بسبب التغير التكنولوجي السريع وتفاعل العوامل الاقتصادية المختلفة، إلا أن العديد من الدراسات والتقارير تقدم رؤى حول التأثيرات المحتملة.
فقدان الوظائف وخلق فرص عمل جديدة
- المنتدى الاقتصادي العالمي: تشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الذكاء الاصطناعي سيتسبب في فقدان 85 مليون وظيفة على مستوى العالم بحلول عام 2025، بينما سيخلق 97 مليون وظيفة جديدة. وهذا يشير إلى تأثير إيجابي صاف على خلق فرص العمل ولكنه يسلط الضوء أيضًا على التحول الكبير في طبيعة العمل.
- جولدمان ساكس: يشير تقرير جولدمان ساكس إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى أتمتة ما يعادل 300 مليون وظيفة، مما يؤثر على ربع مهام العمل في الولايات المتحدة وأوروبا. ومع ذلك، فإنه يشير أيضًا إلى مكاسب محتملة في الإنتاجية وخلق وظائف جديدة في المجالات الناشئة.
- معهد ماكينزي العالمي: تشير أبحاث ماكينزي إلى أنه في حين أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل بعض الوظائف، فإنه سيخلق أيضًا وظائف جديدة ويعزز العديد من الأدوار الحالية. وسوف يعتمد التأثير الصافي على التوظيف على عوامل مثل وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي وقدرة العمال على إعادة المهارات والتكيف.
التأثيرات الخاصة بكل قطاع
الصناعة
أدت الأتمتة والروبوتات، مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، بالفعل إلى فقدان وظائف في قطاع الصناعة. ومع ذلك، يخلق الذكاء الاصطناعي أيضًا فرصًا لأدوار ذات مهارات أعلى في مجالات مثل الصيانة التنبؤية ومراقبة الجودة.
فقدان الوظائف:
- وفقًا لتقرير صادر عن Oxford Economics، يتوقع أن يؤدي الأتمتة إلى فقدان 20 مليون وظيفة في قطاع التصنيع على مستوى العالم بحلول عام 2030.
- تشير دراسة أجرتها Brookings Institution إلى أن العمال في الصناعات التحويلية هم الأكثر عرضة لفقدان وظائفهم بسبب الأتمتة، حيث يتأثر حوالي 36 مليون وظيفة.
خلق فرص عمل جديدة:
على الرغم من فقدان الوظائف، يتوقع أيضًا أن يخلق الذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة في قطاع التصنيع. تشير دراسة أجرتها PwC إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في خلق 3.4 مليون وظيفة جديدة في قطاع التصنيع في المملكة المتحدة وحدها بحلول عام 2037. تتضمن هذه الوظائف الجديدة أدوارًا في مجالات مثل تحليل البيانات، والروبوتات، وتصميم المنتجات، وهندسة البرمجيات.
تغيير طبيعة العمل:
لن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف فحسب، بل سيغير أيضًا طبيعة العمل في قطاع التصنيع. من المتوقع أن تتطلب العديد من الوظائف الصناعية في المستقبل مهارات جديدة، مثل القدرة على العمل مع الروبوتات والذكاء الاصطناعي.كذلك سيحتاج العمال إلى أن يكونوا أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التغيير التكنولوجي السريع.
التأثير على القطاعات الفرعية:
- سيختلف تأثير الذكاء الاصطناعي على مختلف القطاعات الفرعية داخل قطاع التصنيع.
- من المتوقع أن تتأثر قطاعات مثل تجميع السيارات والإلكترونيات بشكل كبير بالأتمتة.
- ومع ذلك، قد تستفيد قطاعات أخرى، مثل صناعة الطيران والفضاء، من استخدام الذكاء الاصطناعي في التصميم والإنتاج.
ملاحظة: الأرقام المذكورة هنا هي تقديرات وقد يختلف التأثير الفعلي للذكاء الاصطناعي على قطاع التصنيع اعتمادًا على عوامل مختلفة، مثل وتيرة التقدم التكنولوجي والسياسات الحكومية.
تكنولوجيا المعلومات
بالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلومات، على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة حول عدد الوظائف المفقودة بالفعل بسبب الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك بعض التوقعات والدراسات تشير إلى التأثير المحتمل على التوظيف في هذا القطاع.
توقعات فقدان الوظائف:
- Forrester: تتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي محل حوالي 2.4 مليون وظيفة في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، بما في ذلك وظائف في قطاع تكنولوجيا المعلومات.
تأثير الأتمتة على وظائف تكنولوجيا المعلومات:
- وظائف الدعم الفني: من المتوقع أن تتأثر وظائف الدعم الفني بشكل كبير، حيث يمكن لروبوتات الدردشة وأدوات الأتمتة الأخرى التعامل مع العديد من المهام الروتينية.
- وظائف الاختبار: يمكن لأدوات أتمتة الاختبار تقليل الحاجة إلى مختبري البرمجيات اليدويين.
- وظائف إدخال البيانات: يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أتمتة العديد من مهام إدخال البيانات، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف في هذا المجال.
التحديات والفرص:
على الرغم من التوقعات بفقدان بعض الوظائف في قطاع تكنولوجيا المعلومات بسبب الذكاء الاصطناعي، إلا أنه من المتوقع أيضًا أن يخلق الذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة في هذا القطاع. تتضمن هذه الوظائف الجديدة أدوارًا في مجالات مثل تطوير وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والأمن السيبراني. سيتطلب الأمر من العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات اكتساب مهارات جديدة والبقاء على اطلاع دائم بأحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل التكيف مع التغييرات في سوق العمل.
البيع بالتجزئة وخدمة العملاء
تتولى روبوتات الدردشة والتقنيات ذاتية الخدمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بشكل متزايد التعامل مع استفسارات العملاء، مما قد يؤثر على الوظائف في هذه القطاعات.
فقدان الوظائف:
- وفقًا لتقرير صادر عن Forrester، يتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي محل 16 مليون وظيفة في قطاع البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2027.
- تتضمن الوظائف الأكثر عرضة للخطر وظائف أمناء الصناديق وممثلي خدمة العملاء.
خلق فرص عمل جديدة:
على الرغم من فقدان الوظائف، يتوقع أيضًا أن يخلق الذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة في قطاع البيع بالتجزئة وخدمة العملاء. تتضمن هذه الوظائف الجديدة أدوارًا في مجالات مثل تحليل بيانات العملاء، وتطوير روبوتات المحادثة، وإنشاء تجارب تسوق مخصصة.
تحسين تجربة العملاء:
- يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن بشكل كبير تجربة العملاء في قطاع البيع بالتجزئة.
- يمكن لروبوتات المحادثة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي توفير خدمة عملاء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، مما يقلل من أوقات الانتظار ويحسن رضا العملاء.
- يمكن لأنظمة التوصية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي اقتراح منتجات ذات صلة للعملاء، مما يزيد من احتمالية الشراء.
ملاحظة: من المهم أن نلاحظ أن تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاع البيع بالتجزئة وخدمة العملاء لا يزال قيد التطور. من المرجح أن تتغير الأرقام والتوقعات المذكورة هنا مع استمرار تطور التكنولوجيا.
النقل والخدمات اللوجستية
يمكن أن تؤدي المركبات ذاتية القيادة وتخطيط المسار المحسن بالذكاء الاصطناعي إلى تقليل الوظائف في مجال النقل بالشاحنات وخدمات التوصيل.
فقدان الوظائف:
- وفقًا لتقرير صادر عن PwC، يتوقع أن تؤدي الأتمتة إلى فقدان حوالي 40٪ من وظائف النقل والشحن في الولايات المتحدة بحلول عام 2030.
- تشمل الوظائف الأكثر عرضة للخطر وظائف سائقي الشاحنات وعمال المستودعات.
خلق فرص عمل جديدة:
- على الرغم من فقدان الوظائف، يتوقع أيضًا أن يخلق الذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة في قطاع النقل والخدمات اللوجستية. تتضمن هذه الوظائف الجديدة أدوارًا في مجالات مثل تطوير وصيانة المركبات ذاتية القيادة، وتحليل بيانات النقل، وإدارة أنظمة اللوجستيات الذكية.
الرعاية الصحية
يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانية تحسين التشخيص وتخطيط العلاج ورعاية المرضى، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى أتمتة مهام معينة يقوم بها حاليًا متخصصو الرعاية الصحية.
تحسين التشخيص والعلاج:
- يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية، مثل الصور الشعاعية والسجلات الطبية، للمساعدة في تشخيص الأمراض بدقة أكبر وفي وقت مبكر.
- يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الأطباء في تخصيص خطط العلاج للمرضى بناءً على تاريخهم الطبي وخصائصهم الجينية.
- يمكن للروبوتات الجراحية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إجراء عمليات جراحية دقيقة ومعقدة، مما يقلل من خطر حدوث مضاعفات.
زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف:
- يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة العديد من المهام الروتينية في قطاع الرعاية الصحية، مثل جدولة المواعيد وإدارة السجلات الطبية، مما يوفر وقت الموظفين ويقلل التكاليف.
- يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التنبؤ بتفشي الأمراض وتحديد المرضى المعرضين للخطر، مما يساعد على منع انتشار الأمراض وتقليل التكاليف المرتبطة بها.
تطوير أبحاث جديدة:
- يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات البحثية لتحديد الأنماط والاتجاهات التي قد لا يلاحظها الباحثون البشريون.
- يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تطوير أدوية وعلاجات جديدة من خلال التنبؤ بكيفية تفاعل الأدوية مع أهدافها البيولوجية.
بعض الأرقام والإحصاءات:
- تشير دراسة أجرتها Frost & Sullivan إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر ما يصل إلى 150 مليار دولار سنويًا في قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة بحلول عام 2025.
- وفقًا لتقرير صادر عن CB Insights، جمعت شركات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية 2.6 مليار دولار عبر 192 صفقة في عام 2023.
التمويل
يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الاحتيال وتقييم المخاطر والتداول الخوارزمي، مما قد يؤثر على الوظائف في هذه المجالات.
توفير كبير في التكاليف وزيادة الكفاءة:
- تشير دراسة أجرتها Accenture إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر للقطاع المالي ما يصل إلى 447 مليار دولار بحلول عام 2023 من خلال أتمتة المهام وتحسين الكفاءة.
- يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل مع المهام المتكررة والمستهلكة للوقت، مثل إدخال البيانات ومعالجة المعاملات، مما يسمح للموظفين بالتركيز على مهام أكثر تعقيدًا واستراتيجية.
- يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات المالية في الوقت الفعلي، مما يمكن المؤسسات المالية من اتخاذ قرارات أسرع وأكثر استنارة.
تحسين إدارة المخاطر والاحتيال:
- يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات التاريخية والمعلومات في الوقت الفعلي لتحديد الأنماط والاتجاهات التي قد تشير إلى الاحتيال أو المخاطر المحتملة.
- يمكن للذكاء الاصطناعي تقييم الجدارة الائتمانية للعملاء بشكل أكثر دقة، مما يساعد المؤسسات المالية على اتخاذ قرارات إقراض أفضل وتقليل مخاطر التخلف عن السداد.
- يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي مراقبة المعاملات والأنشطة المشبوهة في الوقت الفعلي، مما يسمح بالكشف المبكر عن الاحتيال ومنعه.
بعض الأمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي في التمويل:
- اكتشاف الاحتيال في الوقت الحقيقي
- تقييم الجدارة الائتمانية
- التداول الخوارزمي
- إدارة المحافظ الاستثمارية
- روبوتات المحادثة لخدمة العملاء
الحاجة إلى التكيف
في الختام، لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا متزايدًا في تغيير معالم سوق العمل في مختلف القطاعات. الأرقام والإحصائيات تشير إلى تحول كبير في توزيع الوظائف، حيث تظهر بعض القطاعات زيادة في الطلب على مهارات جديدة، بينما تواجه قطاعات أخرى تحديات في الحفاظ على وظائفها التقليدية. ومع ذلك، من الضروري أن يدرك الموظفون أهمية التكيف مع هذه التحولات من خلال اكتساب مهارات جديدة وتطوير قدراتهم التقنية. على الرغم من القلق المشروع حول فقدان الوظائف، هناك أيضًا فرص هائلة للنمو وإعادة التخصص، مما يجعل من الضروري تبني التغيير والاستعداد لمستقبل يعتمد بشكل أكبر على التكنولوجيا والابتكار. التكيف والمرونة سيكونان مفتاح النجاح في عالم العمل المتغير.
إخلاء المسؤولية
من المهم ملاحظة أن تأثير الذكاء الاصطناعي على عدد الوظائف هو مجال بحث مستمر، والأرقام المقدمة هنا هي تقديرات تستند إلى الاتجاهات والتوقعات الحالية. قد يختلف التأثير الفعلي اعتمادًا على مختلف العوامل الاقتصادية والتكنولوجية.